جميع المواضيع

 نظم مجلس علماء وكتاب شمال مالي الأحد13/12/2015 في المركز الثقافي الإسلامي بحمد الله بماكو نـــدوة بعنوان: المواطن الصالح في المنظور الإسلامي
بعد افتتاح الندوة بقراءة آي من الذكر الحكيم بتلاوة الأخ أبو هريرة ميغا قام الأستاذ الدكتور هارون المهدي ميغا الأمين العام للمجلس بإلقاء كلمة ترحيبية إلى الحضور وبين أن هذه الندوة تدخل ضمن سلسلة من الأنشطة الفكرية والثقافية التي تنوي المجلس القيام بها أداءا لدوره وتحقيقا لأهدافه التي من بينها توعية الشعب المالي.
  ألقى الأستاذ حميد سدبي محاضرته باللغة العربية وركز على مواصفات المواطن الصالح حسب تعاليم الإسلام، ثم تلاه الدكتور أحمد عبد الله بولي وقام بعرض نماذج للمواطنة الصالحة من حياة رسول الله صلى الله عليه والصحابة رضوان الله عليهم. 
وقد قام مجموعة من الشيوخ الأفاضل والحضور بإثراء الموضوع بمداخلات قيمة.
عبد الكريم سيسي

نـــدوة بعنوان: المواطن الصالح في المنظور الإسلامي

من طرف Abdoul karim CISSE  |  نشر في :  الثلاثاء, ديسمبر 15, 2015 0 تعليقات

 نظم مجلس علماء وكتاب شمال مالي الأحد13/12/2015 في المركز الثقافي الإسلامي بحمد الله بماكو نـــدوة بعنوان: المواطن الصالح في المنظور الإسلامي
بعد افتتاح الندوة بقراءة آي من الذكر الحكيم بتلاوة الأخ أبو هريرة ميغا قام الأستاذ الدكتور هارون المهدي ميغا الأمين العام للمجلس بإلقاء كلمة ترحيبية إلى الحضور وبين أن هذه الندوة تدخل ضمن سلسلة من الأنشطة الفكرية والثقافية التي تنوي المجلس القيام بها أداءا لدوره وتحقيقا لأهدافه التي من بينها توعية الشعب المالي.
  ألقى الأستاذ حميد سدبي محاضرته باللغة العربية وركز على مواصفات المواطن الصالح حسب تعاليم الإسلام، ثم تلاه الدكتور أحمد عبد الله بولي وقام بعرض نماذج للمواطنة الصالحة من حياة رسول الله صلى الله عليه والصحابة رضوان الله عليهم. 
وقد قام مجموعة من الشيوخ الأفاضل والحضور بإثراء الموضوع بمداخلات قيمة.
عبد الكريم سيسي

0 التعليقات:

نظرة حول موضوع التبني
النسب هو رابطة سامية وصلة عظيمة على جانب كبير من الخطورة، لذا لم يدعها الشارع الكريم نهبا للعواطف والأهواء تهبها لمن تشاء وتمنعها ممن تشاء، بل تولاها بتشريعه، وأعطاها المزيد من عنايته، وأحاطها بسياج منيع يحميها من الفساد والاضطراب، فأرسى قواعدها على أسس سليمة.
 وقد قضت حكمته السامية وسنته في خلقه أن يوجد الطفل لا حول له ولا قوة غير مستقل بنفسه، وغير قادر على القيام بشئونه، كان من عظيم رحمته أن يودع في الآباء حب الأبناء، فيظلوا مدفوعين بعامل خفي على رعاية أبنائهم.
ولقد حرص الإسلام حرصا كبيرا على سلامة الأنساب ووضوحها، وما ذلك إلا لحفظ كرامة الإنسان، وبناء اسر وأجيال ومجتمعات مسلمة تنعم بالوحدة والمودة والسعادة والاستقرار.
يتجلى ذلك في مكافحة الإسلام للزنا الذي هو أحد الأسباب المهمة في اختلاط الأنساب، قال تعالى "وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً"
ومن مظاهر عناية الإسلام بالنسب أيضا تحريمه التبني  لقوله تعالى "ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّين" ، وكان ا منتشراً في الجاهلية قبل الإسلام، وكان الولد المتبنى بمثابة ابن حقيقي للأسرة التي تبنته، وإذا حدث أن تبنى شخص ولداً صار ابنه، وألحق بنسبه، وكان له شرف ذلك النسب، وقد عرف الرومان واليونان الأقدمون عادة التبني وسجلوه في أنظمتهم وقوانينهم قبل عرب الجاهلية، وكان يلحقون الشخص بمن يريده، سواء أكان للمتبنى نسب معروف من قبل أم لم يكن معروف النسب. وكان هذا عندهم بمثابة عقد يجري بين الطرفين، ويلتزمان به أملاَ في أن يحقق لكل منهما فوائد مقصودة يريدها من هذا العقد.
ولما ظهر الإسلام أكد ما قررته الأديان السماوية كلها من قبل، من أن النسب لا يثبت إلا بولادة حقيقية ناشئة عن علاقة زواج أسري مشروع.
والتبني في الإسلام لا يعطي الطفل المتبنى أي حق من الحقوق الشرعية المترتبة على النسب الشرعي، وأولى الحقوق التي يجردها الإسلام منه هو حق النسب، فلا يثبت النسب لمجرد التبني.
والتبني المنهي عنه هو أن يُدمج الطفل في العائلة التي تبنته بحيث يصبح شخصا من العائلة لا فرق بينه وبين أي شخص آخر من أعضاء الأسرة، فله الحق في الاسم والميراث والاختلاط، وتنطبق عليه قواعد المصاهرة، وغير ذلك، وكل هذه الأمور محظورة في الإسلام على أي شخص غير شرعي في الأسرة
ومن مظاهر حفظ الإسلام للنسب أن الفقهاء والأصوليين قد اعتبروا حفظ النسل أو النسب من مقاصد الإسلام الكلية الخمسة التي لا تستقيم الحياة بدونها وهي: حفظ الدين والنفس والنسل (أو النسب أو العرض) والمال والعقل
وقد امرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالاعتناء بالأنساب والاهتمام بها وان لا نخلط في الأنساب شيئا يسبب لها التشويه والتعكير، وأمْرُ الرسول (ص) هذا جاء على سبيل الفرض، فمن أقواله (ص) "أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء، ولن يدخلها الله جنته، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين"
واللفظ لأبي داؤود والدليل على أن هذا الأمر يفيد الفرض هو الإنذار الشديد بعدم دخول الجنة، مما يعني ان هذا التصرف كبيرة من الكبائر.
ومما يؤكد أهمية حفظ الأنساب ورعايتها في الإسلام أن الشارع ربط بالنسب حرمة المصاهرة فحيثما ثبت النسب، كانت هناك أحكام خاصة من إباحة الزواج وصلة الرحم وبر الوالدين والأقارب وغيرها.
ومنع الشرع أيضا الأبناء من انتسابهم إلى غير آبائهم قال تعالى "دْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ" ، فقال رسول (ص) "من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم، فالجنة عليه حرام" بل ان بعض الروايات جعلت الانتساب إلى غير الأب الشرعي كفراً بمعنى انه من عمل الجاهلية أو من باب كفر النعمة.
ولثبوت النسب أهمية كبرى تعود على الولد وعلى والديه وأسرته بصفة عامة فبالنسبة للولد: يدفع ثبوت النسب عنه التعرض للعار والضياع.وللام: يحميها ثبوت نسب ولدها من الفضيحة والرمي بالسوء وللأب: يحفظ ثبوت النسب ولده أن يضيع أو ان ينسب إلى غيره.
وبالنسبة للأسرة: يؤدي حفظ النسب إلى صيانتها من كل دنس وريبة، والى بناء العلاقات فيها على أساس متين.
ولأجل هذه المعاني حرصت الشريعة الإسلامية على حفظ الأنساب من أن تتعرض للكذب والضياع والزيف، ولم تترك أمر إثبات النسب أو نفيه للمزاج الشخصي غير المستند إلى الحقيقة والواقع
وحرصا على عدم ضياع الأولاد عني فقهاء المسلمين بهذا الحق عناية كبيرة، وتناولوا أمره من كل جوانبه، وما ذلك إلا رغبة منهم الى الحفاظ على الأولاد، وعدم ضياع أنسابهم التي تفضي بهم إلى التشرد الاجتماعي والإفساد في الأرض.


إعداد عبد الله الحسين ميغا


نظرة حول موضوع التبني

من طرف Abdoul karim CISSE  |  نشر في :  الثلاثاء, ديسمبر 08, 2015 0 تعليقات

نظرة حول موضوع التبني
النسب هو رابطة سامية وصلة عظيمة على جانب كبير من الخطورة، لذا لم يدعها الشارع الكريم نهبا للعواطف والأهواء تهبها لمن تشاء وتمنعها ممن تشاء، بل تولاها بتشريعه، وأعطاها المزيد من عنايته، وأحاطها بسياج منيع يحميها من الفساد والاضطراب، فأرسى قواعدها على أسس سليمة.
 وقد قضت حكمته السامية وسنته في خلقه أن يوجد الطفل لا حول له ولا قوة غير مستقل بنفسه، وغير قادر على القيام بشئونه، كان من عظيم رحمته أن يودع في الآباء حب الأبناء، فيظلوا مدفوعين بعامل خفي على رعاية أبنائهم.
ولقد حرص الإسلام حرصا كبيرا على سلامة الأنساب ووضوحها، وما ذلك إلا لحفظ كرامة الإنسان، وبناء اسر وأجيال ومجتمعات مسلمة تنعم بالوحدة والمودة والسعادة والاستقرار.
يتجلى ذلك في مكافحة الإسلام للزنا الذي هو أحد الأسباب المهمة في اختلاط الأنساب، قال تعالى "وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً"
ومن مظاهر عناية الإسلام بالنسب أيضا تحريمه التبني  لقوله تعالى "ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّين" ، وكان ا منتشراً في الجاهلية قبل الإسلام، وكان الولد المتبنى بمثابة ابن حقيقي للأسرة التي تبنته، وإذا حدث أن تبنى شخص ولداً صار ابنه، وألحق بنسبه، وكان له شرف ذلك النسب، وقد عرف الرومان واليونان الأقدمون عادة التبني وسجلوه في أنظمتهم وقوانينهم قبل عرب الجاهلية، وكان يلحقون الشخص بمن يريده، سواء أكان للمتبنى نسب معروف من قبل أم لم يكن معروف النسب. وكان هذا عندهم بمثابة عقد يجري بين الطرفين، ويلتزمان به أملاَ في أن يحقق لكل منهما فوائد مقصودة يريدها من هذا العقد.
ولما ظهر الإسلام أكد ما قررته الأديان السماوية كلها من قبل، من أن النسب لا يثبت إلا بولادة حقيقية ناشئة عن علاقة زواج أسري مشروع.
والتبني في الإسلام لا يعطي الطفل المتبنى أي حق من الحقوق الشرعية المترتبة على النسب الشرعي، وأولى الحقوق التي يجردها الإسلام منه هو حق النسب، فلا يثبت النسب لمجرد التبني.
والتبني المنهي عنه هو أن يُدمج الطفل في العائلة التي تبنته بحيث يصبح شخصا من العائلة لا فرق بينه وبين أي شخص آخر من أعضاء الأسرة، فله الحق في الاسم والميراث والاختلاط، وتنطبق عليه قواعد المصاهرة، وغير ذلك، وكل هذه الأمور محظورة في الإسلام على أي شخص غير شرعي في الأسرة
ومن مظاهر حفظ الإسلام للنسب أن الفقهاء والأصوليين قد اعتبروا حفظ النسل أو النسب من مقاصد الإسلام الكلية الخمسة التي لا تستقيم الحياة بدونها وهي: حفظ الدين والنفس والنسل (أو النسب أو العرض) والمال والعقل
وقد امرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالاعتناء بالأنساب والاهتمام بها وان لا نخلط في الأنساب شيئا يسبب لها التشويه والتعكير، وأمْرُ الرسول (ص) هذا جاء على سبيل الفرض، فمن أقواله (ص) "أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء، ولن يدخلها الله جنته، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين"
واللفظ لأبي داؤود والدليل على أن هذا الأمر يفيد الفرض هو الإنذار الشديد بعدم دخول الجنة، مما يعني ان هذا التصرف كبيرة من الكبائر.
ومما يؤكد أهمية حفظ الأنساب ورعايتها في الإسلام أن الشارع ربط بالنسب حرمة المصاهرة فحيثما ثبت النسب، كانت هناك أحكام خاصة من إباحة الزواج وصلة الرحم وبر الوالدين والأقارب وغيرها.
ومنع الشرع أيضا الأبناء من انتسابهم إلى غير آبائهم قال تعالى "دْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ" ، فقال رسول (ص) "من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم، فالجنة عليه حرام" بل ان بعض الروايات جعلت الانتساب إلى غير الأب الشرعي كفراً بمعنى انه من عمل الجاهلية أو من باب كفر النعمة.
ولثبوت النسب أهمية كبرى تعود على الولد وعلى والديه وأسرته بصفة عامة فبالنسبة للولد: يدفع ثبوت النسب عنه التعرض للعار والضياع.وللام: يحميها ثبوت نسب ولدها من الفضيحة والرمي بالسوء وللأب: يحفظ ثبوت النسب ولده أن يضيع أو ان ينسب إلى غيره.
وبالنسبة للأسرة: يؤدي حفظ النسب إلى صيانتها من كل دنس وريبة، والى بناء العلاقات فيها على أساس متين.
ولأجل هذه المعاني حرصت الشريعة الإسلامية على حفظ الأنساب من أن تتعرض للكذب والضياع والزيف، ولم تترك أمر إثبات النسب أو نفيه للمزاج الشخصي غير المستند إلى الحقيقة والواقع
وحرصا على عدم ضياع الأولاد عني فقهاء المسلمين بهذا الحق عناية كبيرة، وتناولوا أمره من كل جوانبه، وما ذلك إلا رغبة منهم الى الحفاظ على الأولاد، وعدم ضياع أنسابهم التي تفضي بهم إلى التشرد الاجتماعي والإفساد في الأرض.


إعداد عبد الله الحسين ميغا


0 التعليقات:




التعايش السلمي والمصالحة في دولة النبي صلى الله عليه وسلم
وتطبيقاتها في الممالك السودانية في غرب إفريقيا



إعداد وتقديم: د. عبد الرحمن سيسى
نائب المدير العام: معهد أحمد بابا للدراسات العليا والبحوث الإسلامية
                        تمبكتـــــــــــــــو




بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على من لا نبي بعده


التعايش السلمي والمصالحة في دولة النبي
وتطبيقاتها في الممالك السودانية في غرب إفريقيا
بسم الله الرحمن الرحيم
حمدا لله الذي سما نفسه السلام، واختاره تحية للمسلمين واختتاما للصلوات. وصلاة وسلاما على سيدنا محمد الموصوف بـرؤوف رحيم.
أما بعد:
فحالة العرب والعالم قبل الإسلام:
انبثق فجر الإسلام في مجتمع عربي يسود فيه الجهل بالإنسانية وقداستها ووحدة أصلها؛ حيث تعلو روح القبلية الضيقة القائمة على رابطة الدم.
مجتمع افتقد مقومات الدولة في الغالب، وغلبت فيه العاطفة والعنصرية والعصبية القبلية على العقل والمنطق. وشّرعوا لأنفسهم نصرة القريب والقبيلة وإن كان ظالما ومعتديا على الآخر. وقال شاعرهم:
                    إن أنا إلا من غزية إن غوت    غويت وإن ترشد الغزية أرشدا

وأقحموا أنفسهم في حروب طاحنة، وانتشرت من بينهم ظاهرة النهب والسلب، واسترقاق الضعفاء. فانقسم المجتمع إلى طبقات: السادة، والموالي، والعبيد؛ تقسيم لم ينزل به الله سلطانا.
ولم تكن حال العالم الذي نقله إلينا القرآن بأحسن، إن الدولتان القويتان المهيمنتان (الفرس والروم) منهمكتان في الحروب المدمرة، واستنفدت قوائمهما في الدفاع والهجوم عن خدمة الإنسانية، وتحقيق المصالح. ((الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) ))[1]
والحياة تفقد قيمتها إذا لم يتوافر الأمن الغذائي والروحي: ((الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)))[2]

فقد بعث الله سيدنا محمدا  لإنقاذ البشرية؛ ولذلك جعل الإنسان المحور الأساسي لدعوته. ورسم أهدافا عامة يسعى لتحقيقها منها:
صيانة كرامة الإنسان، وقد أعلن القرآن الكريم عن ذلك: ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70) ))[3]
ولا يتحقق الشرف الحقيقي إلا بالحرية، ومن ثم كل إنسان حر في وجهة نظر الإسلام. ولكن محيط الإنسان المليء بالتناقضات: الحرص، والطمع ، دفع الأقوياء والأغنياء إلى استرقاق بني جنسهم واستغلالهم، ويأبى الله إلا أن يفضح مؤامراتهم، ويكشف ستائرهم، ((وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36) ))[4]
الطاغوت :  كل ما عُبد  من دون الله أفرادا وأنظمة جائرة تسلب الحريات. لكن الفرد يظل حرا حتى في اختيار دينه. قال الله تعالى: ((لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) ))[5]

تكفل الله مهمة  توضيح الحقائق وإزالة اللبس، وعلى الإنسان أن يعمل وفق ما يريد.
قال تعالى: ((قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا (84) ))[6]
العدل: إن الحرية التي بها يتحقق شرف الإنسان لن يتم في مجتمع يسود فيه الظلم والطغيان، وإتباع الهوى. لذلك جعل الإسلام العدل نصب عينيه، قال تعالى: ((يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26) ))[7] وقال تعال: ((وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) ))[8]
ومن مظاهر العدل تحقيق المواساة، وقد أقر الإسلام بالمساواة بين الناس، هم سواسية كأسنان المشط. قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) ))[9].
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) ))[10]
ومن ثم جعل مهمة كل إنسان أن يهيئ الأرض حتى تصلح الحياة عليها وذلك بالمحافظة على الإنسان والطبيعة والبيئة.
إن هذه المبادئ التي يسعى إليها الإنسان إلى نشرها واعتبارها ركائز لقيام الدولة لا يتناسب وأهواء الطغاة المستبدين الذين يمتصون دماء الخلق ويسترقونهم، مانعين إياهم متعة الحياة المتمثلة في الحرية.
وسرعان ما احتد م الخلاف بين التيار التحريري والمستعبدين المستبدين، تطور من هجوم كلامي (دعاية إعلامية) للإساءة إلي النبي (ص) وتشويه صورته واتهامه بالجنون، وإلى فرض حصار اقتصادي عليه  وأتباعه. وإلى الإيذاء الجسدي للضعفاء الذين لا يجدون من يحميهم، بل محاولة اغتيال القيادة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر الصديق.
الإستراتجية الدعوية:
انتهج النبي استراتيجيات لتسيير دعوته، والعمل على إنجاحها في:
·      مبدأ التخطيط المثابرة، والاستمرار، وعدم اليأس، والمتابعة (التقويم)؛ وهو يستنير بتعاليم القرآن: اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله.
الحرص على مصلحة الناس وخدمتهم: ((لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129)[11]))
·       اعتماد وسيلة التوعية عبر التدريس والدعوة السرية، فالخطاب الجمهوري في المحافل مثل إعلان الصفا، واستقبال وفود الحج حتى تمكّن من إعداد نواة صالحة من كل شرائح المجتمع: رجالا، نساء، شبانا. ومن كل الطبقات الاجتماعية: أغنياء، وفقراء؛ أعيان، وموالي. وبذلك حصل على موارد بشرية قادرة على تحمل أعباء الدولة الإنسانية  الجديدة[12].
·      قيام الدولة الإسلامية في المدينة المنورة: استمر النبي محمد صلى الله عليه وسلم في تنفيذ هذه الاستراتيجيات ثلاث عشرة سنة في مكة واستعان بالوجهاء مستجيرا بهم، وخاصة أهل الديانة السماوية كملك الحبشة النجاشي في إفريقيا السوداء التي اعتادت على نصرة الضعفاء وتولية ذوي الكفاءة من النازحين كالنبي يوسف عليه السلام.
 وقال صلى الله عليه وسلم في الحبشة: "إن بها ملكا لا يُظلم عنده أحد".
·      نعم، ثلاث عشرة سنة يلازم النبي الصبر، ويتحمل المشقة من أهله حتى أمر بالهجرة إلى يثرب حيث الرجال والنساء الذين بايعوه على الموت.
·      في يثرب التي سماها النبي صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة أسس دولته مطبقا المبادئ التي يدعو إليها ، مثل الحرية: حيث تم تشكيل الحكومة بالانتخاب المباشر. اختار أهل المدينة اثنى عشر نقيبا ينوبون عن قومهم، ويكفلون المسؤولية عليهم في تنفيذ بنود البيعة. قال لهم: "أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم؛ وأنا كفيل على قومي، يعني المسلمين، قالوا نعم. [13]  
هذه العبارة تجسد لنا وشائج القرابة بين الأديان السماوية، كاختيار عدد اثني عشر كما عند بني إسرائيل. والتشبيه بحواري المسيح عليه السلام.
·      إرساء القواعد البنائية للمجتمع الإسلامي: إن الإسلام كل متكامل، ومنهج رباني قائم على العدل، بريء من التحيز والهوى، وعاصم من التمزق والضياع. وإن ما كلف به البشر من تهيئة الأرض للحياة لا يتحقق إلا بنظام يجمع أتباعه في كل مجتمع كلي متكامل، ينطلق في حركة قصدية هادفة وإيجابية هادئة، تُؤَمِّن للناس الحياة المباركة بكل معانيها ومقوماتها ووقائعها، بما يحرر الإنسان ويحقق إنسانيته العليا.
لذلك ما إن استقر النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة حتى عمل على إرساء البنى الاجتماعي، بـ:
·                  مواصلة إعداد الموارد البشرية:
 وذلك بناء المسجد الذي يتولى مهمة تربية الناس وإعدادهم الخلقي عن طريق تشريع العبادات. وأي عبادة في الإسلام لا تسعى إلى خدمة المجتمع بجلب النفع ودفع الضرر لا قيمة لها. يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده".
إن المجتمع يقوم على الأفراد، كلما كانت الأفراد أقوياء روحيا وجسميا وعقليا كان المجتمع قويا مهيبا.
ويعتبر المسجد في ذلك العهد مدرسة ومركز تربية وتعليم وساحة حرة للتواصل بين القيادة والقاعدة، وبالتواصل يتم التفاهم وتختفي الخلافات والشكوك، ولهذا الغرض فرضت الجمعة، ويتم تنوير الأحداث الأسبوعية أثناء الخطبة.
وقد اعتبر المسجد برلمانا لمناقشة القضايا التي تُهِمُّ الدولة من سلم وحرب ومحكمة لفض النزاعات والقضاء على الخصومات.   
·                  توثيق العلاقات الداخلية:
إن تحقيق الأهداف السامية المشتركة تحتاج إلى تماسك الأفراد المعنيين، وقد سلك النبي صلى الله عليه وسلم نهجا يحقق ذلك:
1- نظام المآخاة:
* التآخي الثنائي،
* التآخي بين المستويات المتفاوتة طبقيا قبل الإسلام لتذوب الفوارق الطبقية، والتمايز بالأصول،
* التآخي بين المهاجرين والأنصار لإزالة العداوة بين العدنانيين المستعربين والقحطانيين العرب العاربة[14].
2- تنظيم الصلاة بغير المسلمين:
حينما اطمأن النبي صلى الله عليه وسلم إلى وحدة الصف الإسلامي بالمؤاخاة، وجّه اهتمامه إلى وحدة يثرب التي ستكون مقر المسلمين. وأمر بكتابة صحيفة تنظم علاقات أهل المدينة، وتعتبر عقدا اجتماعيا شاملا ودستورا للدولة.
تناولت هذه الصحيفة كلا من: الحريات الدينية، والنشاط الاقتصادي، والتعاون الدفاعي عن المدينة، ومرجعية الحكم في المنازعات.
إليكم تلك البنود التي تنص على التعايش السلمي في ظل نظام إسلامي.
·                  الحرية الدينية: البند 25 "لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم بأنفسهم وبطانتهم ومواليهم إلا من ظلم نفسه وأثم فإنه لا يوتع (لا يهلك) إلا نفسه وأهل بيته.
والبند 25 يحمي حلفاء اليهود من غيرهم "وإن بطانة يهود كغيرهم".
·                  الاستقلالية الاقتصادية: البند 37 "وإن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم. وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وإن بينهم النصح، والنصيحة،  والبر دون الإثم.
·                  التعاون الدفاعي أو الدفاع المشترك: البند 27 "وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين". والبند 44 "وإن بينهم النصر على من دهم يثرب. على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم.
·                  مرجعية الحكم: الحكم لله ورسوله، البند 44 "وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث  أو اشتجار يخاف فساده فأن مرده إلى الله وإلى محمد رسول الله[15]
على من عدم الصحيفة على بند يطالب اليهود بالمشاركة في الجهاد أو الحرب الدينية، إلا أن هناك روايات تفيد بمصاحبتهم المسلمين في بعض حروبهم[16] .
وقد دخلت هذه الوثيقة في حيز التنفيذ، وتمتع اليهود بالحرية والعدالة. ولم يقتصر هذا التعايش السلمي والحرية الدينية على اليهود بل شملت غيرهم:
Ø               النصارى: استعان النبي صلى الله عليه وسلم بالنجاشي ملك الحبشة وهو نصراني، واستقبل المسلمين المهاجرين من مكة وحماهم.
راسل النبي ملك القبط، ورد على الرسالة ومعها هدايا. فقبل النبي هداياه
.
وراسل ملك الروم، وقرأ قيصر كتاب الرسول طواه ثم رفعه. فلما بلغ ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم دعا له قائلا: "ثبت الله ملكه[17] .
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثة إلى مؤتة سنة ثمان هجرة ووصاهم: "... وستجدون رجالا في الصوامع معتزلين الناس فلا تتعرضوا لهم، لا تقتلن امرأة ولا صغيرا ولا كبيرا فانيا ... ولا تقلعن شجرا ولا تهدموا بيتا"[18].
Ø               مشركو العرب: تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع مشركي العرب وعقد معهم مواثيق ولكن ليس على أساس الفكرة. إنما على أساس قبائل كبني ضمرة وبني مدلج في السنة الثانية للهجرة. وخذاعة في عام الحديبية السنة السادسة للهجرة. ولم ينص دستور المدينة على عداوة فرد، أو جماعة، أو دين إلا قبيلة قريش الظاهرة العداوة والمحاربة للإسلام وأهله[19].

وقد أحدث الإسلام تغييرات أو تحسينات على الحياة العامة وخاصة النظام الاقتصادي، والتكافل الاجتماعي، وأنشأ النبي صلى الله عليه وسلم أسواقا في المدينة المنورة.
حدد الشارع الأسس والقواعد العامة للحكم، واتخذ الإجراءات الأمنية والقانونية الكفيلة لحماية الإنسان، وممتلكاته،  وذلك عبر تشريعات كنظم الحياة اليومية والعلاقات الاجتماعية وتشريعات احتياطية لدرء المفاسد كالحدود أو الجنائيات التي تعتبر سقفا نهائيا للشريعة ويقل حدوثها في مجتمع إسلامي كالنهب المسلح، والسرقة المنظمة، وقتل الأبرياء[20].
وهناك أمور كثيرة لم ينص عليها الشارع ولم يشر إليها، وهي متروكة لاجتهاد الحكام حسب الأمكنة والأزمنة[21].
سؤال يطرح نفسه: الإسلام يحترم الحرية الدينية ولم الجهاد؟
إن كلمة الجهاد مشتق من مادة (ج هـ د ) التي تعني بذل الجهد والسعي[22]
وتطورت دلالتها في ظل الإسلام، ليساير العصر، وذلك للدلالة على:
-        جهاد النفس بعمل الخير وهجر الشر.
-        جهاد الأعداء بالوسائل الممكنة، ولذا عُدِّل من الحرب والقتال لقصد أغراض دينية.
ولم يجاهد المسلمون إلا عدوا اعتدى عليهم؛ أو نوى على الاعتداء بعد توافر البينان أنهم يريدون الهجوم على ديار الإسلام، أو للدفاع عن حرية الضعفاء تحت الأنظمة المستبدة. قال الله تعالى: ((أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) ))[23]. قال الله تعالى: ((لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9) ))[24].
المصالحة (الإصلاح ذات البين):
لن تنعدم خلافات في مجتمع بشري سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات. قال تعالى: ((وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) ))[25].
في الآية إعلام بإمكانية نشوء الخلاف بين المؤمنين فيتطور إلى قتال. فكيف بمجتمع إنساني متعدد الأديان والأجناس، ومتفاوت المفاهيم والرؤى.
ومن مظاهر المصالحة ما قام به النبي صلى الله عليه وسلم بين الأوس والخزرج، وموقفه من أهل مكة يوم الفتح.
المصالحة في نظر الإسلام: واجب ديني وإنساني يجب القيام بها عند الحاجة (( وأصلحوا)) بصيغة الأمر التي تفيد الوجوب. يثاب الإنسان عليها ويأثم بتركها عند القدرة. قال تعالى: ((لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114) ))[26].
يحتاج العمليات الإجرائية للمصالحة إلى:
·      وسيط حكيم محايد؛
·      توافر المعلومات للوسيط؛
·      تحري العدل والمصارحة؛
·      المرجعية القانونية: دين، عادة، عرف؛
·      تراضي الطرفين.
وعند عدم الوصول إلى أرضية صالحة للاتفاق، يحارب المجتمع الطرف المعتدي لأنه يجر بالإنسانية إلى الشر حتى يعود إلى الصلح. وتنتهي بالعفو، أو تعويض للضحايا بعقد اجتماعي أو سياسي.

1-              في غرب إفريقيا:
تخبرنا كتب التاريخ بأن الأسلحة عجزت عن إدخال الإسلام في إفريقيا السوداء وخاصة غربها.
ولكانت المحاولات الأولى في السنوات 21 – 22- 23 هـ عبر سلسة الحملات التي قادها عقبة بن نافع الفهري ولكن الجيش الغاني تصدى لها دون دخول الإسلام في المنطقة[27].
ثم تواصلت الحملات بعد ذلك؛ حيث يرى البكري أن الأمويين بعثوا بسرية إلى غانا في صدر الإسلام، وأن أحفادهم صاروا على دين أهل غانا.
تغيير الإستراتيجية: لم يفلح السلاح، ولجأ التجار المسلمون إلى التبشير بالسلوك، والمعاملة الحسنة. وانتشر الإسلام عبر التواصل السلمي، وعم البلاد حتى الملوك.
وعايش الملوك الوثنيون المسلمين، وعاملوهم باحترام. واستوظفوهم في التنظيم الإداري. وكذلك الملوك الذين أسلموا لم يهمشوا غير المسلمين.
ويروى عند أحمد بابا أن في غانة اثنى عشر مسجدا تقام فيها الجمعة منذ 60 هـ ويتقاضى الأئمة والمؤذنون والمدرسون رواتب.
ويؤيد مقولته هذه ما ذكره ابن خلدون، والقلشقندي أن أهل غانة أسلموا في أول الفتح.
والحملات - إذا- التي شنها المرابطون على مملكة غانه عند ضعفها واعتدائهم على النساء، والولدان، وبقر بطون الحوامل؛ والحملة المغربية على الأساكي فما هي إلا استغلال الدين، وانتهاز اسم الجهاد لتحقيق مآرب سياسية واقتصادية، وإشباع غرائز عنصرية.
قد بلغ التعايش السلمي، وضمان الحرية الدينية الذروة في المنطقة. إذ تكدر الجو بين بعض القادة المسلمين بسبب الدفاع عن ذمي، أو حليف. كموقف الشيخ أحمد البكاي بن محمد بن المختار الكنتي من أحمد أحمد الماسني في شأن ضيفه بارث الجاسوس الانكليزي الذي عده في حكم الذميين . وأرسل رسالة شديدة اللهجة إلى أحمد بن أحمد مفتخرا بنسبه ولونه، وساميته؛ ومعيرا خصمه بالسواد متهما إياه بالعبودية.
"أ حقا أتى من عند أحمد بن أحمد سويد العبد، والعبد أسود، يسائل عن ضيفي ..."[28].

وأما الإصلاح ذات البين فيكفي مثالا جهود الحاج عمر الفوتي بين مملكة هوسا وبورنو أثناء عودته من الحج. وعند المنظومة يظهر لنا:
-                   تواضع الحاج عمر واعتماده على الله؛
-                   شعوره بالمسؤولية، وحرصه الشديد على أدائه؛
-                   حياده: ليس له مصلحة مع أي طرف.
منهجه:
o     خطاب العقل والعاطفة، واعتماد نصوص الكتاب والسنة مرجعا؛
o     التسويق للموضوع ببيان قيمة الإنسان وقداسة نفسه؛
o     نفس ابن آدم أقدس من القرآن، وجريمة قاتل نفس واحدة كمن قاتل كل الخلق. ومنقذ نفس واحدة كمن أنقذ كل الناس.

الملخص:
الإسلام نظام شامل للحياة، جعل الإنسان والكون محوره الأساسي.
 غايته: مصالح العباد والبلاد بضمان كرامتهم وحريتهم.
وسائله: إعداد الموارد البشرية القادرة على أداء هذه المهمة:
-        السعي على تحقيق نمو اقتصادي مستديم، وتوفير تعليم كمي ونوعي وضمان صحة. إذ لا كرامة ولا حرية في ظل الفقر والجهل والمرض؛
-        صياغة نصوص تشريعية تنظم العلاقة بين الإنسان والخالق، وبين الإنسان والكون والبيئة المحيطة حتى الحيوانات والجمادات؛
-        بناء جيش قوي قادر على تأمين الناس وممتلكاتهم من أيدي العابثين، وطمع الطغاة. وقد أشار القرآن الكريم بالآمنين: الغذائي والنفسي "أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف".
ومسؤولية الدولة في الإسلام: توفير الراحة للمواطنين بتهديد العدو الداخلي الذي يزعزع الأمن العام بكلام أو عمل؛ سماهم القرآن منافقين. والعدو الخارجي الذي يحمل السلاح ضد النظام الشرعي: دولة – أو جماعة محاربة، ومواجهتهم في الإسلام جهاد.










[1]  سورة الروم
[2]  سورة قريش
[3]  سورة الإسراء
[4]  سورة النحل
[5]  سورة البقرة
[6]  سورة الإسراء
[7]  سورة ص
[8]  سورة الأنعام
[9]  سورة النساء
[10]  سورة الحجرات
[11]  سورة التوبة
[12]  د.أحمد رجب الأسمر، القدوة في السيرة النبوية، ص109.
[13]  منير محمد الغضبان، المنهج الحركي للسيرة النبوية، ص126
[14]  راجع دكتور أكرم ضياء العمري، المجتمع المدني في عهد النبوة خصائصه وتنظيماته، ص75. وأحمد ر جب الأسمر، القدوة في السيرة النبوية ص114 وما بعدها.
[15]  راجع أكرم ضياء العمري (أد)، المرجع السابق، ص119-122. وأحمد رجب الأسمر، المرجع السابق، ص217-219
[16]  أحمد رجب، المرجع السابق نفسه.
[17]  ابن جني، الخصائص، ج1، ص8.
[18]  منير محمد الغضبان، المنهج الحركي للسيرة النبوية، ص415
[19]  راجع مشير عمر المصري / المشاركة في الحياة السياسية في ظل أنظمة الحكم المعاصر، ص 299 . ومنير محمد الغضبان، المرجع السابق، ص156.
[20]  راجع سالم أحمد الماقوري، المثل الأعلى للمجتمع الإنساني كما تحدث عنه القرآن (وسائل الحماية)، ط2، 2001، جمعية الدعوة الإسلامية، ص387.
[21]  منير العجلاني (دكتور)، عبقرية الإسلام في أصول الحكم، ط1405هـ/1985، بيروت، دار النفائس، ص17
[22]  راجع أبو الأعلى المودودي، الجهاد في سبيل الله، الاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية، ص14
[23]  سورة الحج
[24]  سورة الممتحنة
[25]  سورة الحجرات
[26]  سورة النساء
[27]  مالك انجاي، رسائل الدعوة والدعاة/ الدعوة الإسلامية في غرب افريقيا، السودان، منظمة الدعوة الإسلامية، 1417 هـ، ص1
[28]  رسالة بمكتبة أحمد بابا تحت رقم 1

التعايش السلمي والمصالحة في دولة النبي صلى الله عليه وسلم وتطبيقاتها في الممالك السودانية في غرب إفريقيا

من طرف Abdoul karim CISSE  |  نشر في :  الأربعاء, سبتمبر 02, 2015 1 تعليق




التعايش السلمي والمصالحة في دولة النبي صلى الله عليه وسلم
وتطبيقاتها في الممالك السودانية في غرب إفريقيا



إعداد وتقديم: د. عبد الرحمن سيسى
نائب المدير العام: معهد أحمد بابا للدراسات العليا والبحوث الإسلامية
                        تمبكتـــــــــــــــو




بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على من لا نبي بعده


التعايش السلمي والمصالحة في دولة النبي
وتطبيقاتها في الممالك السودانية في غرب إفريقيا
بسم الله الرحمن الرحيم
حمدا لله الذي سما نفسه السلام، واختاره تحية للمسلمين واختتاما للصلوات. وصلاة وسلاما على سيدنا محمد الموصوف بـرؤوف رحيم.
أما بعد:
فحالة العرب والعالم قبل الإسلام:
انبثق فجر الإسلام في مجتمع عربي يسود فيه الجهل بالإنسانية وقداستها ووحدة أصلها؛ حيث تعلو روح القبلية الضيقة القائمة على رابطة الدم.
مجتمع افتقد مقومات الدولة في الغالب، وغلبت فيه العاطفة والعنصرية والعصبية القبلية على العقل والمنطق. وشّرعوا لأنفسهم نصرة القريب والقبيلة وإن كان ظالما ومعتديا على الآخر. وقال شاعرهم:
                    إن أنا إلا من غزية إن غوت    غويت وإن ترشد الغزية أرشدا

وأقحموا أنفسهم في حروب طاحنة، وانتشرت من بينهم ظاهرة النهب والسلب، واسترقاق الضعفاء. فانقسم المجتمع إلى طبقات: السادة، والموالي، والعبيد؛ تقسيم لم ينزل به الله سلطانا.
ولم تكن حال العالم الذي نقله إلينا القرآن بأحسن، إن الدولتان القويتان المهيمنتان (الفرس والروم) منهمكتان في الحروب المدمرة، واستنفدت قوائمهما في الدفاع والهجوم عن خدمة الإنسانية، وتحقيق المصالح. ((الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) ))[1]
والحياة تفقد قيمتها إذا لم يتوافر الأمن الغذائي والروحي: ((الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)))[2]

فقد بعث الله سيدنا محمدا  لإنقاذ البشرية؛ ولذلك جعل الإنسان المحور الأساسي لدعوته. ورسم أهدافا عامة يسعى لتحقيقها منها:
صيانة كرامة الإنسان، وقد أعلن القرآن الكريم عن ذلك: ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70) ))[3]
ولا يتحقق الشرف الحقيقي إلا بالحرية، ومن ثم كل إنسان حر في وجهة نظر الإسلام. ولكن محيط الإنسان المليء بالتناقضات: الحرص، والطمع ، دفع الأقوياء والأغنياء إلى استرقاق بني جنسهم واستغلالهم، ويأبى الله إلا أن يفضح مؤامراتهم، ويكشف ستائرهم، ((وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36) ))[4]
الطاغوت :  كل ما عُبد  من دون الله أفرادا وأنظمة جائرة تسلب الحريات. لكن الفرد يظل حرا حتى في اختيار دينه. قال الله تعالى: ((لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) ))[5]

تكفل الله مهمة  توضيح الحقائق وإزالة اللبس، وعلى الإنسان أن يعمل وفق ما يريد.
قال تعالى: ((قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا (84) ))[6]
العدل: إن الحرية التي بها يتحقق شرف الإنسان لن يتم في مجتمع يسود فيه الظلم والطغيان، وإتباع الهوى. لذلك جعل الإسلام العدل نصب عينيه، قال تعالى: ((يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26) ))[7] وقال تعال: ((وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) ))[8]
ومن مظاهر العدل تحقيق المواساة، وقد أقر الإسلام بالمساواة بين الناس، هم سواسية كأسنان المشط. قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) ))[9].
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) ))[10]
ومن ثم جعل مهمة كل إنسان أن يهيئ الأرض حتى تصلح الحياة عليها وذلك بالمحافظة على الإنسان والطبيعة والبيئة.
إن هذه المبادئ التي يسعى إليها الإنسان إلى نشرها واعتبارها ركائز لقيام الدولة لا يتناسب وأهواء الطغاة المستبدين الذين يمتصون دماء الخلق ويسترقونهم، مانعين إياهم متعة الحياة المتمثلة في الحرية.
وسرعان ما احتد م الخلاف بين التيار التحريري والمستعبدين المستبدين، تطور من هجوم كلامي (دعاية إعلامية) للإساءة إلي النبي (ص) وتشويه صورته واتهامه بالجنون، وإلى فرض حصار اقتصادي عليه  وأتباعه. وإلى الإيذاء الجسدي للضعفاء الذين لا يجدون من يحميهم، بل محاولة اغتيال القيادة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر الصديق.
الإستراتجية الدعوية:
انتهج النبي استراتيجيات لتسيير دعوته، والعمل على إنجاحها في:
·      مبدأ التخطيط المثابرة، والاستمرار، وعدم اليأس، والمتابعة (التقويم)؛ وهو يستنير بتعاليم القرآن: اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله.
الحرص على مصلحة الناس وخدمتهم: ((لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129)[11]))
·       اعتماد وسيلة التوعية عبر التدريس والدعوة السرية، فالخطاب الجمهوري في المحافل مثل إعلان الصفا، واستقبال وفود الحج حتى تمكّن من إعداد نواة صالحة من كل شرائح المجتمع: رجالا، نساء، شبانا. ومن كل الطبقات الاجتماعية: أغنياء، وفقراء؛ أعيان، وموالي. وبذلك حصل على موارد بشرية قادرة على تحمل أعباء الدولة الإنسانية  الجديدة[12].
·      قيام الدولة الإسلامية في المدينة المنورة: استمر النبي محمد صلى الله عليه وسلم في تنفيذ هذه الاستراتيجيات ثلاث عشرة سنة في مكة واستعان بالوجهاء مستجيرا بهم، وخاصة أهل الديانة السماوية كملك الحبشة النجاشي في إفريقيا السوداء التي اعتادت على نصرة الضعفاء وتولية ذوي الكفاءة من النازحين كالنبي يوسف عليه السلام.
 وقال صلى الله عليه وسلم في الحبشة: "إن بها ملكا لا يُظلم عنده أحد".
·      نعم، ثلاث عشرة سنة يلازم النبي الصبر، ويتحمل المشقة من أهله حتى أمر بالهجرة إلى يثرب حيث الرجال والنساء الذين بايعوه على الموت.
·      في يثرب التي سماها النبي صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة أسس دولته مطبقا المبادئ التي يدعو إليها ، مثل الحرية: حيث تم تشكيل الحكومة بالانتخاب المباشر. اختار أهل المدينة اثنى عشر نقيبا ينوبون عن قومهم، ويكفلون المسؤولية عليهم في تنفيذ بنود البيعة. قال لهم: "أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم؛ وأنا كفيل على قومي، يعني المسلمين، قالوا نعم. [13]  
هذه العبارة تجسد لنا وشائج القرابة بين الأديان السماوية، كاختيار عدد اثني عشر كما عند بني إسرائيل. والتشبيه بحواري المسيح عليه السلام.
·      إرساء القواعد البنائية للمجتمع الإسلامي: إن الإسلام كل متكامل، ومنهج رباني قائم على العدل، بريء من التحيز والهوى، وعاصم من التمزق والضياع. وإن ما كلف به البشر من تهيئة الأرض للحياة لا يتحقق إلا بنظام يجمع أتباعه في كل مجتمع كلي متكامل، ينطلق في حركة قصدية هادفة وإيجابية هادئة، تُؤَمِّن للناس الحياة المباركة بكل معانيها ومقوماتها ووقائعها، بما يحرر الإنسان ويحقق إنسانيته العليا.
لذلك ما إن استقر النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة حتى عمل على إرساء البنى الاجتماعي، بـ:
·                  مواصلة إعداد الموارد البشرية:
 وذلك بناء المسجد الذي يتولى مهمة تربية الناس وإعدادهم الخلقي عن طريق تشريع العبادات. وأي عبادة في الإسلام لا تسعى إلى خدمة المجتمع بجلب النفع ودفع الضرر لا قيمة لها. يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده".
إن المجتمع يقوم على الأفراد، كلما كانت الأفراد أقوياء روحيا وجسميا وعقليا كان المجتمع قويا مهيبا.
ويعتبر المسجد في ذلك العهد مدرسة ومركز تربية وتعليم وساحة حرة للتواصل بين القيادة والقاعدة، وبالتواصل يتم التفاهم وتختفي الخلافات والشكوك، ولهذا الغرض فرضت الجمعة، ويتم تنوير الأحداث الأسبوعية أثناء الخطبة.
وقد اعتبر المسجد برلمانا لمناقشة القضايا التي تُهِمُّ الدولة من سلم وحرب ومحكمة لفض النزاعات والقضاء على الخصومات.   
·                  توثيق العلاقات الداخلية:
إن تحقيق الأهداف السامية المشتركة تحتاج إلى تماسك الأفراد المعنيين، وقد سلك النبي صلى الله عليه وسلم نهجا يحقق ذلك:
1- نظام المآخاة:
* التآخي الثنائي،
* التآخي بين المستويات المتفاوتة طبقيا قبل الإسلام لتذوب الفوارق الطبقية، والتمايز بالأصول،
* التآخي بين المهاجرين والأنصار لإزالة العداوة بين العدنانيين المستعربين والقحطانيين العرب العاربة[14].
2- تنظيم الصلاة بغير المسلمين:
حينما اطمأن النبي صلى الله عليه وسلم إلى وحدة الصف الإسلامي بالمؤاخاة، وجّه اهتمامه إلى وحدة يثرب التي ستكون مقر المسلمين. وأمر بكتابة صحيفة تنظم علاقات أهل المدينة، وتعتبر عقدا اجتماعيا شاملا ودستورا للدولة.
تناولت هذه الصحيفة كلا من: الحريات الدينية، والنشاط الاقتصادي، والتعاون الدفاعي عن المدينة، ومرجعية الحكم في المنازعات.
إليكم تلك البنود التي تنص على التعايش السلمي في ظل نظام إسلامي.
·                  الحرية الدينية: البند 25 "لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم بأنفسهم وبطانتهم ومواليهم إلا من ظلم نفسه وأثم فإنه لا يوتع (لا يهلك) إلا نفسه وأهل بيته.
والبند 25 يحمي حلفاء اليهود من غيرهم "وإن بطانة يهود كغيرهم".
·                  الاستقلالية الاقتصادية: البند 37 "وإن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم. وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وإن بينهم النصح، والنصيحة،  والبر دون الإثم.
·                  التعاون الدفاعي أو الدفاع المشترك: البند 27 "وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين". والبند 44 "وإن بينهم النصر على من دهم يثرب. على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم.
·                  مرجعية الحكم: الحكم لله ورسوله، البند 44 "وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث  أو اشتجار يخاف فساده فأن مرده إلى الله وإلى محمد رسول الله[15]
على من عدم الصحيفة على بند يطالب اليهود بالمشاركة في الجهاد أو الحرب الدينية، إلا أن هناك روايات تفيد بمصاحبتهم المسلمين في بعض حروبهم[16] .
وقد دخلت هذه الوثيقة في حيز التنفيذ، وتمتع اليهود بالحرية والعدالة. ولم يقتصر هذا التعايش السلمي والحرية الدينية على اليهود بل شملت غيرهم:
Ø               النصارى: استعان النبي صلى الله عليه وسلم بالنجاشي ملك الحبشة وهو نصراني، واستقبل المسلمين المهاجرين من مكة وحماهم.
راسل النبي ملك القبط، ورد على الرسالة ومعها هدايا. فقبل النبي هداياه
.
وراسل ملك الروم، وقرأ قيصر كتاب الرسول طواه ثم رفعه. فلما بلغ ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم دعا له قائلا: "ثبت الله ملكه[17] .
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثة إلى مؤتة سنة ثمان هجرة ووصاهم: "... وستجدون رجالا في الصوامع معتزلين الناس فلا تتعرضوا لهم، لا تقتلن امرأة ولا صغيرا ولا كبيرا فانيا ... ولا تقلعن شجرا ولا تهدموا بيتا"[18].
Ø               مشركو العرب: تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع مشركي العرب وعقد معهم مواثيق ولكن ليس على أساس الفكرة. إنما على أساس قبائل كبني ضمرة وبني مدلج في السنة الثانية للهجرة. وخذاعة في عام الحديبية السنة السادسة للهجرة. ولم ينص دستور المدينة على عداوة فرد، أو جماعة، أو دين إلا قبيلة قريش الظاهرة العداوة والمحاربة للإسلام وأهله[19].

وقد أحدث الإسلام تغييرات أو تحسينات على الحياة العامة وخاصة النظام الاقتصادي، والتكافل الاجتماعي، وأنشأ النبي صلى الله عليه وسلم أسواقا في المدينة المنورة.
حدد الشارع الأسس والقواعد العامة للحكم، واتخذ الإجراءات الأمنية والقانونية الكفيلة لحماية الإنسان، وممتلكاته،  وذلك عبر تشريعات كنظم الحياة اليومية والعلاقات الاجتماعية وتشريعات احتياطية لدرء المفاسد كالحدود أو الجنائيات التي تعتبر سقفا نهائيا للشريعة ويقل حدوثها في مجتمع إسلامي كالنهب المسلح، والسرقة المنظمة، وقتل الأبرياء[20].
وهناك أمور كثيرة لم ينص عليها الشارع ولم يشر إليها، وهي متروكة لاجتهاد الحكام حسب الأمكنة والأزمنة[21].
سؤال يطرح نفسه: الإسلام يحترم الحرية الدينية ولم الجهاد؟
إن كلمة الجهاد مشتق من مادة (ج هـ د ) التي تعني بذل الجهد والسعي[22]
وتطورت دلالتها في ظل الإسلام، ليساير العصر، وذلك للدلالة على:
-        جهاد النفس بعمل الخير وهجر الشر.
-        جهاد الأعداء بالوسائل الممكنة، ولذا عُدِّل من الحرب والقتال لقصد أغراض دينية.
ولم يجاهد المسلمون إلا عدوا اعتدى عليهم؛ أو نوى على الاعتداء بعد توافر البينان أنهم يريدون الهجوم على ديار الإسلام، أو للدفاع عن حرية الضعفاء تحت الأنظمة المستبدة. قال الله تعالى: ((أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) ))[23]. قال الله تعالى: ((لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9) ))[24].
المصالحة (الإصلاح ذات البين):
لن تنعدم خلافات في مجتمع بشري سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات. قال تعالى: ((وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) ))[25].
في الآية إعلام بإمكانية نشوء الخلاف بين المؤمنين فيتطور إلى قتال. فكيف بمجتمع إنساني متعدد الأديان والأجناس، ومتفاوت المفاهيم والرؤى.
ومن مظاهر المصالحة ما قام به النبي صلى الله عليه وسلم بين الأوس والخزرج، وموقفه من أهل مكة يوم الفتح.
المصالحة في نظر الإسلام: واجب ديني وإنساني يجب القيام بها عند الحاجة (( وأصلحوا)) بصيغة الأمر التي تفيد الوجوب. يثاب الإنسان عليها ويأثم بتركها عند القدرة. قال تعالى: ((لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114) ))[26].
يحتاج العمليات الإجرائية للمصالحة إلى:
·      وسيط حكيم محايد؛
·      توافر المعلومات للوسيط؛
·      تحري العدل والمصارحة؛
·      المرجعية القانونية: دين، عادة، عرف؛
·      تراضي الطرفين.
وعند عدم الوصول إلى أرضية صالحة للاتفاق، يحارب المجتمع الطرف المعتدي لأنه يجر بالإنسانية إلى الشر حتى يعود إلى الصلح. وتنتهي بالعفو، أو تعويض للضحايا بعقد اجتماعي أو سياسي.

1-              في غرب إفريقيا:
تخبرنا كتب التاريخ بأن الأسلحة عجزت عن إدخال الإسلام في إفريقيا السوداء وخاصة غربها.
ولكانت المحاولات الأولى في السنوات 21 – 22- 23 هـ عبر سلسة الحملات التي قادها عقبة بن نافع الفهري ولكن الجيش الغاني تصدى لها دون دخول الإسلام في المنطقة[27].
ثم تواصلت الحملات بعد ذلك؛ حيث يرى البكري أن الأمويين بعثوا بسرية إلى غانا في صدر الإسلام، وأن أحفادهم صاروا على دين أهل غانا.
تغيير الإستراتيجية: لم يفلح السلاح، ولجأ التجار المسلمون إلى التبشير بالسلوك، والمعاملة الحسنة. وانتشر الإسلام عبر التواصل السلمي، وعم البلاد حتى الملوك.
وعايش الملوك الوثنيون المسلمين، وعاملوهم باحترام. واستوظفوهم في التنظيم الإداري. وكذلك الملوك الذين أسلموا لم يهمشوا غير المسلمين.
ويروى عند أحمد بابا أن في غانة اثنى عشر مسجدا تقام فيها الجمعة منذ 60 هـ ويتقاضى الأئمة والمؤذنون والمدرسون رواتب.
ويؤيد مقولته هذه ما ذكره ابن خلدون، والقلشقندي أن أهل غانة أسلموا في أول الفتح.
والحملات - إذا- التي شنها المرابطون على مملكة غانه عند ضعفها واعتدائهم على النساء، والولدان، وبقر بطون الحوامل؛ والحملة المغربية على الأساكي فما هي إلا استغلال الدين، وانتهاز اسم الجهاد لتحقيق مآرب سياسية واقتصادية، وإشباع غرائز عنصرية.
قد بلغ التعايش السلمي، وضمان الحرية الدينية الذروة في المنطقة. إذ تكدر الجو بين بعض القادة المسلمين بسبب الدفاع عن ذمي، أو حليف. كموقف الشيخ أحمد البكاي بن محمد بن المختار الكنتي من أحمد أحمد الماسني في شأن ضيفه بارث الجاسوس الانكليزي الذي عده في حكم الذميين . وأرسل رسالة شديدة اللهجة إلى أحمد بن أحمد مفتخرا بنسبه ولونه، وساميته؛ ومعيرا خصمه بالسواد متهما إياه بالعبودية.
"أ حقا أتى من عند أحمد بن أحمد سويد العبد، والعبد أسود، يسائل عن ضيفي ..."[28].

وأما الإصلاح ذات البين فيكفي مثالا جهود الحاج عمر الفوتي بين مملكة هوسا وبورنو أثناء عودته من الحج. وعند المنظومة يظهر لنا:
-                   تواضع الحاج عمر واعتماده على الله؛
-                   شعوره بالمسؤولية، وحرصه الشديد على أدائه؛
-                   حياده: ليس له مصلحة مع أي طرف.
منهجه:
o     خطاب العقل والعاطفة، واعتماد نصوص الكتاب والسنة مرجعا؛
o     التسويق للموضوع ببيان قيمة الإنسان وقداسة نفسه؛
o     نفس ابن آدم أقدس من القرآن، وجريمة قاتل نفس واحدة كمن قاتل كل الخلق. ومنقذ نفس واحدة كمن أنقذ كل الناس.

الملخص:
الإسلام نظام شامل للحياة، جعل الإنسان والكون محوره الأساسي.
 غايته: مصالح العباد والبلاد بضمان كرامتهم وحريتهم.
وسائله: إعداد الموارد البشرية القادرة على أداء هذه المهمة:
-        السعي على تحقيق نمو اقتصادي مستديم، وتوفير تعليم كمي ونوعي وضمان صحة. إذ لا كرامة ولا حرية في ظل الفقر والجهل والمرض؛
-        صياغة نصوص تشريعية تنظم العلاقة بين الإنسان والخالق، وبين الإنسان والكون والبيئة المحيطة حتى الحيوانات والجمادات؛
-        بناء جيش قوي قادر على تأمين الناس وممتلكاتهم من أيدي العابثين، وطمع الطغاة. وقد أشار القرآن الكريم بالآمنين: الغذائي والنفسي "أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف".
ومسؤولية الدولة في الإسلام: توفير الراحة للمواطنين بتهديد العدو الداخلي الذي يزعزع الأمن العام بكلام أو عمل؛ سماهم القرآن منافقين. والعدو الخارجي الذي يحمل السلاح ضد النظام الشرعي: دولة – أو جماعة محاربة، ومواجهتهم في الإسلام جهاد.










[1]  سورة الروم
[2]  سورة قريش
[3]  سورة الإسراء
[4]  سورة النحل
[5]  سورة البقرة
[6]  سورة الإسراء
[7]  سورة ص
[8]  سورة الأنعام
[9]  سورة النساء
[10]  سورة الحجرات
[11]  سورة التوبة
[12]  د.أحمد رجب الأسمر، القدوة في السيرة النبوية، ص109.
[13]  منير محمد الغضبان، المنهج الحركي للسيرة النبوية، ص126
[14]  راجع دكتور أكرم ضياء العمري، المجتمع المدني في عهد النبوة خصائصه وتنظيماته، ص75. وأحمد ر جب الأسمر، القدوة في السيرة النبوية ص114 وما بعدها.
[15]  راجع أكرم ضياء العمري (أد)، المرجع السابق، ص119-122. وأحمد رجب الأسمر، المرجع السابق، ص217-219
[16]  أحمد رجب، المرجع السابق نفسه.
[17]  ابن جني، الخصائص، ج1، ص8.
[18]  منير محمد الغضبان، المنهج الحركي للسيرة النبوية، ص415
[19]  راجع مشير عمر المصري / المشاركة في الحياة السياسية في ظل أنظمة الحكم المعاصر، ص 299 . ومنير محمد الغضبان، المرجع السابق، ص156.
[20]  راجع سالم أحمد الماقوري، المثل الأعلى للمجتمع الإنساني كما تحدث عنه القرآن (وسائل الحماية)، ط2، 2001، جمعية الدعوة الإسلامية، ص387.
[21]  منير العجلاني (دكتور)، عبقرية الإسلام في أصول الحكم، ط1405هـ/1985، بيروت، دار النفائس، ص17
[22]  راجع أبو الأعلى المودودي، الجهاد في سبيل الله، الاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية، ص14
[23]  سورة الحج
[24]  سورة الممتحنة
[25]  سورة الحجرات
[26]  سورة النساء
[27]  مالك انجاي، رسائل الدعوة والدعاة/ الدعوة الإسلامية في غرب افريقيا، السودان، منظمة الدعوة الإسلامية، 1417 هـ، ص1
[28]  رسالة بمكتبة أحمد بابا تحت رقم 1

1 التعليقات:

الاعضاء

Latest Tweets

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Sample Video Widget

جميع الحقوق محفوظة. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

ترجمة

كتابا

المدونات

back to top